Translate

Wednesday, November 6, 2013

من أنتِ ؟ ... من أنتم ! ...




في الطريق بين كلية الطب والمستشفى ، في منتصفها استوقفني صوت سائلا: تعريفك ياطالبة! ... في البداية ظننت أن شخص آخر كان مقصودا ، ، لكن تكرر النداء باتجاهي ...
 فالتفتت لشاب قمحي البشرة نحيل ملتحي بلحية خفيفة غير مرتبة يلبس لباسا عاديا غير مهندم معلق في قدمه "شبشب صبع" يكافح ليظل في مكانه ولاينزلق لحافة الرصيف،  متكأ بكف على السور المنخفض وفي كفه الأخرى بقايا سيجارة لازال بها بعض من دُخان ، ماضغاً للحروف كرر: تعريفك ؟ 
سألت : من تكون؟ 
!قال: الأمن  
قلت باستغراب: ومايدريني أنك أمن؟
 رد آخر جالس على السور المنخفض بتعجب ولكنة فيها انزعاج " حنا مش ملحقين على كرسي نقعمزوا عليه تبينا نحصلوا بدلة وزي"
 قلت : أنا لم اسأل عن بدلة! لكن أقلها هوية معلقة تثبت لي أنك تتبع جهازا أمنياً ..!
 خلال الحديث كان هناك شخص ثالث يسأل الفتيات والشباب المار نفس السؤال و كانوا يمدون له ببطاقات تعريف هوياتهم بكل بساطة  .. تأملت المشهد ومايمكن أن يليه في لحضات " مستذكرة موقف مشابه انتهيت به وكاميرتي عند مكتب الأمن منذ سنتين ربما احكي قصته في تدوينة أخرى " لحظة التأمل السريعة جعلتني استوعب أن ماأسألهم عنه شئ غير معتاد ولم يسبق لهم استقباله وربما ظنوا أني نزلت للحظتها من كوكب آخر كما يظهر من انفعالهم  ،
 فلملمت الموضوع وقلت أنا طبيبة ، وكما تريد ياأخي اثبات لهويتي احتاج أنا أن تثبت لي هويتك كرجل أمن ، رد بحنق ، مع إني كنت ابتسم بهدؤ طوال الوقت أو ربما هذا ماأثار حنقه! " لما كل هذه الربكة ( علاش الدوشة) يكفي إن اخبرتني أنك طبيبة لأدعك تمرين ( قوليلي دكتورة وهادي سادتني نقولك  امشي) " واشار بيده أن امضي!!! فمضيت وأنا أتساءل ،
أي أمن هذا الذي فقط يسمح لشخص أن يمر بكلمة ! أو ربما فقط قال ذلك مشيراً إلى أنه كان علي بالمثل أن اكتفي بكلمته واثق فيه عندما قال أنا الأمن !
 ربما لذلك تمتلئ الجامعة بالزوار والطفيليين ! ...
 وهذا المشهد قد يعكس صورة مصغرة لحالنا وتعاملنا معه ورضوخنا وتقبلنا الكامل برتابة ميتة لأي واقع نجد أنفسنا فيه ، يدَّعي من يدَّعي أنه كذلك ونرضخ نحن ونستمر في نفس الدرب ، إلا من رحم ربي  ... هناك فرق بين الرضا وتقبل وضع لاتستطيع تغييره ، وبين الرضوخ والاستكانة لما يمكن تغييره ... 
 فالذي أثار استغرابي أكثر ليس من يدعون أنهم رجال أمن ، مااستغربته فعلاً هو طريقة المارة وحركتهم الرتيبة الصامتة في تقديمهم البطاقات والتعاريف لهؤلاء الأشخاص المتكئين على سور صغير قصير على قارعة الطريق كأنهم عاطلين عن العمل لم يجدوا مايشتغلوه إلا التسكع على الناصية ، لا ليس كأنهم بل هم كذلك!

ألا نستفيق!؟

Wednesday, March 20, 2013

قطع من الليل

  Palm Springs, CA, Feb 2013 ليلة  شتاء صحراوي


يسدل الليل ستائره 
ليستيقظ أهل المجون
تدور الكأس 
فيتجرع الغافل الجنون
...
في  ركن قصي يتسرب الظلام 
 يعم السكون
يتسلل للأجساد برد 
 تذبل الجفون
 يأوي أحباب إلى أحضان فراش حنون
...
تبحث روحه عن دفءٍ
عن طُهرٍ مكنون
فيلجأ إليك ياالله 
 عبدٌ يبغي أجراً غير ممنون


Wednesday, March 13, 2013

حوجن

انعكاس على نافذة الطائرة : حوجن ، كوب شاي دافئ ، وتحليق في غياهب السحاب



حوجن ... حصلت على هذه الرواية للكاتب السعودي إبراهيم عباس من أحد أعضاء فريق يتخيلون ، ياسر بهجت ، كهدية في مؤتمر تيد أكتيف في كاليفورنيا ، واكملت معظمها في طريق عودتي إلى مدينتي في أوهايو بين المطارات والطائرات .. مريحٌ كان اسلوب السرد الخفيف واللغة السهلة ، حتى أن بعض كلمات اللهجة الحجازية  المستخدمة في حوارات الرواية ، والغير مألوفة لدي ، لم تقف عائقا في فهمي بل وصل معناها في سياق الحديث وجعلني اضيف هذه الكلمات إلى قاموسي الفكري للهجات العربية ... اتحفظ قليلا على استخدام بعض الجمل الانجليزية بحروف عربية و من غير ترجمة لها رغم قلتها ... مثل عبارة البرين كانسر. 

امتعني الخيال والابحار فيه من تفاعل الجن مع التكنولوجيا وغيره في الكثير من المواقف ... لدرجة إني سمعتني اضحك عندما قال حوجن الجني لصديقه اياد الإنسي بكل توتر وتوسل " ادخل الفيسبوك عشان سوسن !" ... وكانت اول مرة يستخدم فيها الجني الفيس بوك.
في زوايا أخرى من الرواية وخاصة في نصفها الأخير لم استسغ عندما تحولت الأحداث كأنها فيلم أكشن تقليدي من ملاحقة ومطاردة بين السيارات وصراعات وتلاكم وثورة ، وانتصار الخير على الشر في لمح البصر،  وفاجأتني بعض تصرفات إياد المفترض أنه الإنسي الشهم ، مثل ركله لخصمه " الفاقد للوعي" ، ولكنه ، نعم ، ربما لايكون شهما كفاية فهو إنسان و بشر على كل حال ... 

  راقني الانتقاد للعادات والتقاليد البشرية من نظرة مخلوق من عالم آخر ... فيها من الوعظ والارشاد الغير مباشر الذي تحتاجه مجتمعاتنا العربية وبشدة ، وكوني قارئة من مجتمع غير سعودي ، والذي تناولته أحداث الرواية ، فإني أؤكد أن مشاكلنا الاجتماعية متشابهة جدا ومتطابقة إلى حد كبير ...  ورؤية بعض الكتاب العرب الجدد و محاولات اصلاحهم تصب جميعها في نفس المسعى واتفاقهم رغم عدم معرفتهم ببعضهم البعض يبعث على الأمل ..... فمجتمعاتنا العربية تحتاج الكثير الكثير من العمل وتوحد الجهود واتفاقها. 

حوجن ... حاولت أن تتجرد من الروايات التقليدية بأفكار مختلفة وقد نجحت في كثيرها ، وسقطت في التكرار في بعض منها ...

 ... حوجن ... محاولة جديدة  شيقة واعدة في عالم الرواية العربية 



متوفرة بنسخة ورقية على أمازون

ورقميا على سيبويه




Monday, January 14, 2013

قُم سَحَراً وبُث له الشكوى


Dec 25th 2012, Fairborn Ohio


قال

 تعبتُ من ظلام ظلمٍ قد طغى
  
 يقظة الذهن ذهبت وهيمن السُهى

النفسُ اُرهقتْ وغلب الهوى

الروح تاهت وأرى الجسد خوى


قلت

رفقاً ، فلكل امرئ مانوى

لاعمل ضائع مع فالق الحب والنوى

العالم الأكبر فيك قد طَوى

قُم سَحَراً وبُث له الشكوى 

فِرَّ إليه ولن ترجع واهن عزوم أو خائر قوى


Sunday, January 6, 2013

" اجتماعياتي " ... رؤية للكتاب في سطور




"البداية …!!


هذه نهايتي ...


لي طلب قبل أن تنتهي من صفحتي هذه وتطوي حكاياتي ...

أن تعطيني لمن يمكن أن استمتع بصحبته معي بما في رواياتي ...
أكون لك شاكراإن متعتني مرة بعد مرة بتقليب ذكرياتي
شكرا لك  … "

تلك كانت مقتطفات مقتبسة من آخر صفحة في كتاب " اجتماعياتي " للمدون الليبي هشام بومدين الذي انتهيت من طي صفحاته لتوي ، هذه الكلمات في نهاية الكتاب تجعلك تتلمس روح المحبة اللطيفة التي سُكبت بين طياته ، والرغبة في العطاء ومد أواصر الخير من الكاتب إلى دفتي الكتاب لينتقل إلى القارئ ومن ثم إلى أهل القارئ ومعارفه وأصدقاءه وكل من رغب في مشاركته إياه
" اجتماعياتي " كطبعة أولى صدر مع نهاية 2012 وهو يتكون من 191 صفحة ، مرفق بقرص ليزري يُعرف بشخصية المدون ويقودك لبعض روابطه على الانترنت لتتعرف وتستمتع  بانتاج آخر له يحاكي انتاجه الكتابي .

فكرة تحويل مدونة إلكترونية إلى كتاب ليست الأولى من نوعها على مستوى الكتاب في العالم العربي  فقد بدأت في مصر بثلاث مدونات مصرية في ال2008  وهي " أرز باللبن لشخصين " لرحاب بسام ، و"عايزة اتجوز " لغادة عبد العال ، و" أما هذه فرقصتي أنا " لغادة محمد محمود ،  ثم انتقلت للجزائر في ال2011 مع مدونة  " عصام استوديو " لعصام حمود  ، وهاهي الفكرة تصل في ال2012 إلى ليبيا  وكانت مدونة اجتماعياتي لكاتبها هشام بومدين بكتاب يحمل نفس الاسم ، وقد تتشابه الأفكار لتشابه البشر حتى دون معرفة أحدهم بالآخر ، ولكن يظل لكلٍ طابعه ومنظوره الخاص به الذي يميز تجربته تميزا تاما عن غيره.


اجتماعياتي الكتاب كان له مذاقه المتفرد ابتداءاً من ذلك الايحاء الذي تعطيه أول الكلمات في بداياته حيث يخاطبك الكتاب وليس كاتبه ويشد معك الرحال عبر الصفحات بهذا الأسلوب حتى آخره . تنوع المحتوى  في الكتاب من مقالات ناقدة بطرحها الجرئ لحقائق مجتمعنا التي قد تكون أحيانا مُرة إلى حد الوجع ،   ماراً بالقصص القصيرة المحشوة بحلاوة الحِكَم والعِبَر في مختلف أوجه الحياة ، و من ثم  هنا وهناك تناثرت خواطر لإشراقات نفسية مضيئة ، مع استراحات   خفيفة بعبارات  تتكون من 140 حرف يبدو أنها مقتبسة من خواطر المدون من حسابه على موقع تويتر ، وهي فكرة أخرى مبتكرة تُحسب للكتاب ، وجدير بالذكر أيضاً أن الكتاب قد احتوى على مختارات من تدوينات الكاتب ولم يشملها جميعها.

هذا التنوع يروق لقارئة ملول مثلي فمع تقليب الصفحة وبداية موضوع جديد أرى تلك الطفلة بداخلي تتقافز وهي تجذب الأشرطة و الأغلفة الملونة عن الكلمات القادمة متسائلة ماذا تخفي ثنايا الأسطر الآتيةلم يلتزم الكتاب بقواعد اللغة المعروفة للكتاب التقليدي المرجعي ، وقد لايروق ذلك للبعض ولكني أراه أسلوباً متوقعاً لكتاب ذا أصل ومنشأ من التدوين الإلكتروني ، حيث قد تجد في ركن منه الفصحى متفردة بنفسها ، أو قد تكون الفصحى في انسجام تام مع العامية في ركن آخر أو يستضيفان معا مصطلح انجليزي الأحرف أو أجنبي معرب في أحيان أخرى ، وهذه المساحة من الحرية في الاستخدام هي ما تثري هذا النوع من الكتابات وتجعل لها صبغتها المختلفة والمتميزة .


تعودت عند قرائتي لمثل هذه الكتب المتعددة المقالات المفصولة تماما  في أفكارها عن بعضها أن لااتبع  ترتيب صفحات الكتاب بل اقلب عشوائيا حتى أكمله مستعينة بتقلبات مزاجي وملائمتها لعناوين المقالات في فهرس الكتاب ، ولكن كتاب اجتماعياتي أفلح أن ينزع هذه العادة  مني ، و شدني لكي استرسل  حسب الترتيب الذي أراده له كاتبه  حتى النهاية و يهيأ لي الآن أن متعته ربما لم تكن لتكون كما يجب إن فعلت غير ذلك .. وتبقى المواضيع الأكثر رونقا لي بين ما احتواه الكتاب ، دون انتقاص من قيمة غيرها ، هي تلك التي تشد انتباهي بأسلوب سردها القصصي من أول سطر فابحث معها وافكر مسترسلة ملتهمة الأحرف بينما تتسارع الإشارات العصبية المتبادلة بين خلايا دماغي حتى تكتمل الدائرة في النهاية وتظهر الصورة مكتملة بقرائتي لآخر سطر ، فتُفرِّج عني لهفة التسارع بضحكة قصيرة أو ابتسامة أو قد تفر من عيني دمعة يقظة ، واعطي مثال على ذلك تلك الأسطر المنظومة والمعنونة في الكتاب ب"مادورها؟ ". 


محتوى الكتاب بصفة رئيسية مع اختلاف اسلوب كتابة المواضيع هو اصلاح النفس وتهذيبها وصقل أدبها وخلقها ، دون تمييز ذكرا كانت أو أنثى ، وبها ربما يسعى الكاتب لمحاولة اصلاح مايقدر عليه فيما يحيط به كما تمليه عليه رؤيته . تناول السرد بعض المشاكل المعاشة  بتسليط المنظار عليها  وكأنها قد أُخذت لها صورة بعدسة ماكرو لترينا ثناياها المخبئة ومن ثم  في نهاية الموضوع إما أنك تجد رؤية واضحة مفصلة للحل حسب رأي الكاتب أو  قد تترك النهاية مفتوحة الأفق بتساؤل يقود القارئ لرؤية تأملية للحل المفروض أن يطبقه ولكننا نتجاهله ونغمض عنه الأعين لأسباب يجب علينا تجاوزها ، و اعتقد ان الكاتب قد افلح في ايصال هذه الرؤية لمن أراد أن يرى !


قراءة كتاب مثلاجتماعياتي " تبعث بالكثير من الأمل في ماينتظر العباد من أمر في هذه البلاد ، فوجود مادة من هذا النوع ذا النظرة الثاقبة الناقدة بطريقة ايجابية هو مايحتاجه أي منا ليعطي له رؤية ويقوده إلى كيف ومتى وأين يجب أن توجه الجهود وماهي الأولويات التي يجب أن نبدأ بها مع هذه الكومة الهائلة من الحطام المتراكم والمتوارث الذي يحيط بنا من كل جانب 


وأخيرا وكما اخبر "اجتماعياتي" … هذه هي البداية وكلنا أمل أنها فقط القطرة التي سيليها الغيث الغزير النافع … فالأرض تنادي والتربة عطشى ... دعائنا بالتوفيق للكتاب أولاً ، فالكتاب تصبح له شخصيته المتفردة عن كاتبه مذ لحظة اصداره ، ومن ثم لاننس مدوننا أيضا بدعوات لاستمرار التألق و التوفيق من الله في كل عمله و الإستزادة من نور الفهم الصحيح والنفع به ، أكرمه الله في الدنيا والآخرة وجزاه عنا كل خير …


ولاتنس ... لتقتني الكتاب وتطلع عليه إن لم تفعل بعد  ...


سَلِمتْ  ...